شاه هذا ما جاء في “الكلمة الكاملة” التي ألقاها الباجي قائد السبسي في افتتاح المؤتمر الدولي للاستثمار..

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / هذا ما جاء في “الكلمة الكاملة” التي ألقاها الباجي قائد السبسي في افتتاح المؤتمر الدولي للاستثمار.. / Video Streaming

خلال افتتاح المؤتمر الدولي للاستثمار الذي تحتضنه تونس على مدى يومين من 29 الى 30 نوفمبر 2016، ألقى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي كلمة مطولة جاء فيها ما يلي:

“لم اكن اتهيأ لالقاء خطاب امام هذا الحضور الكريم لاقول كلمة باسم تونس اسمحوا لي ان اتوجه باسمي عبارات التقدير والمودة لقادة الدول الشقيقة والصديقة حللتم اهلا ضيوفا أجلاء في بلدكم تونس.. شكرا خالصا لكم على تلبيتكم دعوتنا وحضوركم في بادرة نثمنها عاليا ونعتبرها عربون صداقة لتونس ولشعبها.. كما اود ان اعرب عن عميق الامتنان للدول والمؤسسات الدولية التي رعت هذا المؤتمر وساهمت في التحظير لإنجازه واخص بالذكر قطر الصديقة والجمهورية الفرنسية وكندا والجزائر

واغتنم هذه المناسبة لاتوجه بجزيل الشكر للمنظمات والمؤسسات المالية والفاعلين الاقتصاديين على التزامهم بمساندة التجربة التونسية مشاركتهم الهامة التي نتطلع ان تكون املا في تحقيق النتائج المرجوة من هذا المؤتمر..

حضرات السيدات والسادة ان صعوبة المرحلة الانتقالية وصعوبة الاضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس ودقة الاوضاع الاقليمية المشحونة بعوامل التوتر والازمات الخطيرة لا سيما مع بلوغ افة الارهاب مرحلة غير مسبوقة لم تنل من تصميم الشعب التونسي على اجتياز المرحلة الانتقالية بفضل تمسكه بروح التوافق ومنهج الحوار بمنأى عن كل ما يضعف وحدته الوطنية ولم يكن اسناد جائزة نوبل للسلام عام 2015 للرباعي الراعي للحوار الوطني الا تقديرا دوليا لتجربة فريدة لادارة الازمة ادارة سليمة وسلمية..

لكن ما عرفته التجربة التونسية الفتية من نجاحات لارساء اسس الدولة الديمقراطية جنبت البلاد المنزلقات التي عرفتها بعض التجارب الاخرى لا يحجب  عنا التحديات التي حالت عنا انتعاش الاقتصاد الوطني في ظل واقع اقتصادي واجتماعي صعب وسياق اقليمي معقد ومتوتر..

يقول احد الحكماء في الماضي وهو سانتو مادكان “اذا كانت الديمقراطية فضيلة فيجب الرخاء لاستحقاق الفضيلة..”

لابد من حد ادنى من الرخاء لممارسة الفضيلة لذا فان تأمين الحياة اللائقة والكريمة لشعب تونس  وتنمية الجهات المحرومة واعادة الامل لشباب تونس يمثل مجتمعة صمام الامان الذي سيرسخ السلم الاجتماعية ويثبت دعائم البناء الديمقراطي فنجاح الانتقال الديمقراطي يضل رهينة توفر شروط الإقلاع الاقتصادي والرخاء الاجتماعي..

ولم تفلح تونس لمدة 6 سنوات في تحقيق الانتقال الاقتصادي المنشود بحكم صعوبات وتعقيدات المرحلة الانتقالية وكذلك لتواصل الازمة في دول شقيقة كانت تمثل شريكا اقتصاديا لتونس..

لذلك تحتاج بلادنا الى تعبئة كل الطاقات المادية والبشرية وتنفيذ اصلاحات عميقة تعجل باستعادة اقتصادنا الوطني لعافيته ولهذا الغرض تم تشكيل حكومة وحدة وطنية تقودها كفاءات شابة بمشاركة هامة للمرأة وهاته الحكومة تحتاج الى مساندة واسعة من الطيف السياسي والمدني ولمساندة كبيرة للاطياف الاجتماعية المتواجدة ببلادنا..

ومن اوليويات هذه الحكومة مواصلة تنفيذ الاصلاحات الهيكلية لتطوير مناخ الاعمال باعتماد قانون جديد للاستثمار يكرس حرية بعث المشاريع ويشجع على احداث المؤسسات وتطويرها وهو يوسع بشكل غير مسبوق الحوافز والتشجيعات والضمانات لمستثمرينا في شتى المجالات..

حضرات السيدات والسادة..

سيتواصل نسق الاصلاحات بما يمكن من التحكم في التوازنات المالية واعادة الاعتبار للعمل كقيمة حضارية ومصدر اساسي لخلق الثروة..

وفضلا عن تعصير الادارة ومزيد تحرير الاقتصاد وغيرها من الاصلاحات المالية والجبائية ذات التأخير الايجابي المباشر على النشاط الاقتصادي مع الحرص على إعطاء دور اكبر للمبادرة الخاصة كما سيتم تنفيذ البرامج التي تمكن من تنمية الجهات الداخلية ومن ادماج مختلف الفئات في الدورة الاقتصادية..

تهدف هذه الاصلاحات والبرامج الشاملة التي يرتكز على نمط التنمية الجديد سمته التنوع والقيمة المضافة الكبيرة والقدرة العالية على التشغيل وهو ما تعكسه جملة المشاريع التنموية المعروضة للتمويل على شركائنا الاقتصاديين من الدول والمؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص..

اننا نسعى ان نكون بلادا قادرة على توظيف افضل على مزاياها التفاضلية حتى تتبوأ مكانها كقطب اقتصادي واعد ضمن النسيج الاقتصادي الاقليمي والعالمي..

انن نطمح من خلال هذه الاصلاحات الى الترفيع من حجم الاستثمارات الخارجية  في اطار مخطط التنمية 2016-2020 مقارنة بالخماسية الماضية 2011-2015..

هذا المخطط الذي تم وضعه وفق مقاربة تشاركية واسعة وعلى اساس منوال تنمية جديد يجسم التميز  الايجابي لفائدة الجهات المحرومة.. 

ان تونس لها من الطاقات الذاتية والمزايا التفاضلية ما يساعدها على مجابهة وطأة الضغوطات الاقتصادية الراهنة وقد وضعت الخطط والبرامج التي تساعدها في ذلك وقد انطلقت في تنفيذها ففضلا عن موقعها الجغرافي المتميز حيث تتمتع تونس ببنية اساسية متطورة وكفاءات عالية واقتصاد منفتح على السوق العالمية وهو ما يأهلها ان تكون منصة حقيقة للاستثمارات والصادرات الى لاسواق العربية والاوربية والافريقية..

ان نجاح البناء الديمقراطي في تونس  مصلحة وطنية بالاساس لكنه يخدم ايضا مصالح المنطقة ويساهم في تعزيز اسباب الامن والاستقرار على المسويين الاقلمي والدولي.. 

ومثلما اكدته في مناسبات عدة فان استقرار تونس ضمان لاستقرار المنطقة ونجاحها نجاح للمنطقة كلها وتونس تواجه اليوم اوضاعا استثنائية وهي تحتاج دعما استثنائيا من قبل شركائها ومن المؤسسات المالية الدولية بشكل وبحجم يتجاوز الاطر التقليدية ويتناسب مع الدعم المالي الذي تلقته بعض الدول التي شهدت المرحلة الانتقالية مثلنا..

ان انتظارات التونسيين لهذا المؤتمر كبيرة ومشروعة وبقدر تقديرهم العالي لشركاء تونس الذين ساندوا انجازهم الديمقراطي والحضاري يأملون منكم انخراطا أقوى لمعاضدة المجهود الوطني لمجابهة متطلبات المرحلة الراهنة..

ان دعمكم اليوم لتونس سيكون رسالة قوية لشعبها وتعزز ثقة المستثمرين المحلييين والدوليين لاقتصادها وتساهم في تعزيز دعائم الديمقراطية ومناخ الاستقرار في ربوعها.. 

اني على ثقة ان هذا المؤتمر سيفتح آفاقا رحبة وواعدة بفرض فرص شراكة وتعاون حقيقيين على اساس المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة..

وشكرا على حسن الاستماع والسلام عليكم ورحمة الله.. “

 

 

المصدر: الجمهورية