شاه “ولد الجمعيّة” والخروج من الأبواب الخلفيّة…

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / “ولد الجمعيّة” والخروج من الأبواب الخلفيّة… / Video Streaming

غادر قيس اليعقوبي المقاليد الفنيّة للنادي الافريقي ليتحوّل الى نادي الوكرة القطري وحلّ مكانه شهاب الليلي فيما يتواصل الجدل في الكواليس عن خفايا الانفصال وان كان حريّا تصنيفه ضمن خانة الاقالة أو الاستقالة، وهذا سجال منطقي وكان مفترضا الخوض فيه في خضمّ مشهد كروي أضاف سابقا للعالم مصطلح “استقالوه” في توصيف يقع بين المنزلتين…
خروج اليعقوبي ومهما كانت شاكلته لن يكون نهاية العالم، فهو لن يكون المدرب الأول ولا الأخير الذي يغادر مهامه ولن تتوقّف على وجه الخصوص عجلة الافريقي عن الدوران دونه كما صرّح بذلك رئيس الهيئة المديرة سليم الرياحي..غير أن التاريخ سيسجّل كذلك لل”بوص” الرياحي أنها ثاني اقالة لمدرب يتصدّر الترتيب زمن حكمه لقلعة الافريقي، فبعد كوستر جاء الدور على ابن الجمعية قيس..في انتظار سيناريوهات أخرى أكثر غرابة بعد تنحية نبيل الكوكي في فترة ما بين الشوطين ذات لقاء في حمام الأنف منذ سنة تقريبا.
ما حصل في الساعات القليلة الفارطة وان كان أمرا متوقّعا تنبّأنا به في صحيفتنا، فانه مؤشر خطير على ضبابية الرؤية في نادي باب الجديد وعدم وجود مخطّط عمل واضح، وفي هذه المساحة لن نصطفّ وراء الرئيس الحاكم ولن نكون لسان دفاع باسم “الكوتش المعزول”..فهذا لم نعتده ولكن ما يجري حاليا يؤكد انقسام الملل والمذاهب بين مدافع ومهاجم باختلاف المصالح والمقاصد بين طرفي النزاع..
الاشكال القائم في خضمّ الأحداث يحمل بين طياته تقييمات أخلاقوية بحتة ذهبت في معظمها بين التجريم والتخوين خاصة أن كلام مسيّري الافريقي – ولو بصفة ضمنية- ورّط اليعقوبي وأظهره للعلن في ثوب المتباكي والحارص على المال أكثر من أي أمر أخر..وهذا للأمانة يتضمن جانبا كبيرا من الغلوّ والاستهداف ل”ابن جمعية” غالبا ما حلّ بها في ظروف صعبة..
خلال الصائفة الفارطة وعقب موسم رديء للغاية بالنسبة للافريقي، فان الرياحي التفت يمنة وشمالا ليجد الجميع قد انتفض من حوله ولم تتبقّ سوى ورقة اليعقوبي للاستنجاد بها قصد لمّ الشمل..وقد باشر فعلا قيس المهام مع سلطات محدودة وامكانات مبتورة طالما أن الأموال المرصودة بالكاد تكفي لاستقدام لاعبين بعقود منتهاة، ومع ذلك قبل المدرب هذا التحدي في وقت يعرف خلاله الرئيس أن مدربه الجديد لم يرفع سقف المطالب كثيرا مقارنة بمروره السابق من قفصة..وها أن الرياحي ومعاونيه يجازون اليعقوبي بمعلومة مفخّخة تقول انه طلب أموالا مستعجلة واقترح الرحيل الى قطر بسبب عرض مغر تزامنا مع ضائقة مالية يمرّ بها هذا المدرب الذي كان يعرف في قرارة نفسه -رغم تكذيبات المسيّرين- أن الاقالة آتية لا محالة..وهنا نعود الى كلام التصنيف الأخلاقوي بما أن هذه الحجّة التي تذرّعت بها هيئة الافريقي عند تغيير مدربها السابق صوّرته انتهازيا وماديا في نظر الجماهير رغم بعض الصور المتناثرة والمنشورة عن انتقال سلمي لسلطة المقاليد الفنيّة..
قد يكون عيب قيس اليعقوبي انّه جمّل الحقائق في تصريحاته التي غالبا ما تتضمن نزوعا للعب على مشاعر عاطفية..وفيها أحيانا الكثير من الفلسفة وانتقاء الشعارات..وقد كان حريّا بهذا المدرب أن يصارح شعب الافريقي بفوضى ادارية وفنية تعدّ أمرا بديهيا جراء تراكمات عديدة لأخطاء ونزاعات ادارية ورّط فيها الافريقي نفسه..
اليعقوبي أخطأ على ما يبدو في توقيت قبول العرض وهو مشابه لتجربتين عاجلتين سابقا له كمدرّب زمن عماد الطرابلسي وجمال العتروس ليخرج تقريبا بنفس الشاكلة من الباب الخلفي للحديقة..واذا ما كان البعض سيقارع هذا الرأي بالقول ان نداء الواجب وكذلك أهمية عرض لا يأتي كلّ يوم من الافريقي يستوجبان الموافقة آليا، فان الأحداث والوقائع تؤكدان أن للكياسة والدهاء في توقيت قبول العرض دور في نحت مسيرة المدرب حتى لا يصل الى مثل هذه النهايات..
خرج قيس..وحلّ الليلي..وبين هذا وذاك أطلّ دانيال سانشاز برأسه من بوابة عدل منفّذ ليذكّر بملف مستحقاته من الافريقي ومعكّرا لمزاج الهيئة المطالبة بالتحرّك لغلق ملف سبّب صداعا في الرأس..واذا ما استمرّ العمل بمثل هذا الارتجال، فان القناعة ستزداد ترسّخا بأن لبّ الاشكال كامن في صانع القرار..

طارق العصادي

المصدر: الجمهورية