شاه شتاء ساخن في الانتظار: هل بدأ الاتحاد قـرع طبـول «الحــــــرب الاجتمـاعيـة» ضـدّ حكومـة الشــاهـــد؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / شتاء ساخن في الانتظار: هل بدأ الاتحاد قـرع طبـول «الحــــــرب الاجتمـاعيـة» ضـدّ حكومـة الشــاهـــد؟ / Video Streaming

بعد خطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمام مجلس نواب الشعب بمناسبة تقديم قانون المالية لسنة 2017 والذي بيّن  فيه تمسّك الحكومة بتأجيل مقترح الزيادات في الأجور نظرا للوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بيانا شديد اللهجة نادى فيه العمال بالتعبئة والاستعداد لمسار نضالي للدفاع عن حقوقهم المشروعة التي تريد حرمانهم منها الحكومة ملوّحا باللجوء إلى الإضراب العام لإسقاط مشروع قانون المالية..
في هذا الإطار التصعيدي التي يدلّ ضمنيا أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل في طريقه إلى شنّ حرب اجتماعية تنبؤ بشتاء ساخن  على حكومة الشاهد،  ولهذا ارتأت أخبار الجمهورية رصد آراء خبراء اقتصاديين حول  تبعات التصعيد على الشأن العام للبلاد ..

الصادق جبنون.. الاتحاد على صواب، ومشروع قانون المالية جمع حوله كل «الأضداد»

في البداية أكّد الخبير الاقتصادي والمختص في المالية الصادق جبنون أنّ رفض الاتحاد العام التونسي للشغل لما ورد في مشروع قانون مالية 2017 هو  ليس خاصا به، قائلا ان الاتحاد عبّر عن استياء عام موجود في السابق حول هذا المشروع الذي « جمع ضده وحوله كل الأضداد» بعد أن رُفض من اغلب المنظمات الكبرى والمهنية في البلاد..
وأضاف محدّثنا انّ الاتحاد العام التونسي للشغل يعي صعوبة الوضع المعيشي في تونس وليس فقط من ناحية الزيادة في الأجور بل أيضا من ناحية الانعكاسات السلبية لتدهور وضعية الدينار التونسي من خلال انحدار قيمته وبالتالي من التضخم المستورد من الخارج، زد على ذلك وعيه بغلاء كلفة المعيشة على حدّ تعبيره..
واعتبر الصادق جبنون في معرض حديثه انه كان من الأولى ان تركّز حكومة الشاهد على منظومة الدعم قبل تجميد الأجور، ذلك أن نسبة الفئات المعنية بالاستفادة من الدعم هي فقط  في حدود الـ12 بالمائة، مشيرا إلى انه كان من الأحرى اتجاه حكومة الشاهد نحو إعادة هيكلة هذه المنظومة وكان من الأجدر التركيز على مزيد شفافية مسالك التوزيع التجارية..
وقال في ذات السياق انه من غير المعقول أن يبيع الفلاح الكيلوغرام من الدقلة في منطقة الجريد بدينار واحد أو دينارين في حين أن ثمنها في تونس يصل إلى ما بين 8 إلى 10 دنانير وفق تصريحه..
وتابع جبنون «هذا إلى جانب الترفيع والإجحاف في الضرائب المسلّطة على المؤسسات والفئات المهنية المنتظمة في وقت لم يقع فيه تسليط الضوء على الديون المستحقة للدولة بالصفة المرجوة، رغم أن الشاهد قال انه سيقع الانطلاق في استخلاصها..»
واعتبر انّ الإشكال الحقيقي هو المتمثل في الديون الديوانية  بقيمة 3500 مليون دينار والمتخلّدة مع بقية الديون الجبائية، إضافة إلى انعدام الثقة لدى المستثمرين حيث كان  من الأولى التخفيض في الضرائب وتوسيع قاعدة الأداء حتى يعود النمو في خضم هذه الأزمة..
وأضاف قائلا انّ «الإشكال يتمثل أيضا في وجود أزمة غياب النمو فالفرضية المبني عليها قانون المالية الحالي والسابق خاطئة تماما حيث وقع بناؤها على نسبة النمو الفارط في حدود 2.5 في المائة، وفي القانون الحالي 2.3 بالمائة بينما نعلم جيدا أن نسبة النمو تتراوح بين 0و1 ونصف بالمائة..  والى حد الآن فإنّ قانون مالية 2016 لم يقع ختمه ومن المرجح أن يكون العمر الافتراضي للمشروع الحالي لا يتجاوز  الـ10 أشهر ليتطلب مشروع قانون مالية تكميلي آخر»..
وخلص الخبير الاقتصادي إلى القول بأنّ طلبات الطبقة الوسطى والفئات العامة التي عبر عنها الاتحاد ليست خاطئة بل تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار بأكثر جدية من قبل الحكومة، خاصة أن الحل لا يكمن في التطبيق المفرط لوصفات صندوق النقد الدولي التي أثبتت فشلها على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي كما حصل في اليونان بل الحل هو في عودة النمو وإرجاع الثقة بين الاقتصاديين في تونس ثم المستثمرين الأجانب..
واعتبر محدّثنا في خاتمة مداخلته أن القرار الذي اتخذه الاتحاد العام التونسي للشغل بالتعبئة العامة وإمكانية اللجوء إلى الإضراب العام سيبيّن حتما وجود أزمة اجتماعية خانقة في تونس سوف تسيء حتما إلى الاستقرار الاقتصادي والى طموحات النمو الاقتصادي، مرجّحا أنّ أول الانعكاسات التي قد نراها ستبرز في مؤتمر الاستثمار الذي قد يأتي دون المأمول نظرا لان المستثمرين الأجانب لن يجدوا مناخ الاستقرار الاجتماعي والإصلاحات الإدارية الضرورية التي ينتظرونها…

حسين الديماسي… الشاهد كان في مأزق فأصبح في دوامة

من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حسين الديماسي أن بيان الاتحاد العام التونسي للشغل يمثل نوعا من التهديد الضمني لحكومة الشاهد هذا التهديد انعكس من خلال التلويح بالتعبئة للقيام بإضرابات متنوعة، مشيرا في المقابل إلى انّ هذا البيان كان مماثلا للبيان الذي كان قد أصدره الاتحاد منذ شهر في ما يخص موقفه من مشروع قانون مالية 2017..
واعتبر الديماسي أن موقف الاتحاد التصعيدي لم يتغير كثيرا بل فقط زاد حدة عن السابق، معتبرا أن قراراته التي لوّح بتنفيذها من حيث الإضرابات القطاعية والجهوية والإضراب العام سوف يساهم في إرباك البلاد والإضرار بشكل كبير باقتصادها وبخدماتها العامة والحيوية كالصحة والتعليم والنقل..
وأكّد حسين الديماسي أنّ الاقتصاد التونسي يعاني من وضعية سيئة وصعبة للغاية لذلك فإنّ القرارات التصعيدية للاتحاد ستكون بمثابة الضربة القاضية لاقتصاد البلاد إن وقع تطبيقها فعليا..
واعتبر الديماسي أن رئيس الحكومة الشاهد كان في مأزق منذ أن صدر موقف الاتحاد والنقابات والمنظمات الرافضة لمجمل ما ورد في مشروع قانون مالية 2017 وأصبح اليوم في دوامة بعد موقف الاتحاد الأخير مع العلم انّ لا خيار أمام الشاهد في هذا الظرف إلا الإبقاء على أهم النقاط التي تضمنتها بنود المشروع..
وقال الخبير الاقتصادي الديماسي «إن خضع يوسف الشاهد لهذه التهديدات والضغوطات فسيجد نفسه أمام قانون مالية يستحيل التصرف فيه لان النفقات سترتفع، ولن نتحصّل على الموارد المتوقع أن تأتيها من القروض وخاصة الأجنبية»..
واعتبر محدّثنا في ذات السياق أنّ موقف صندوق النقد الدولي كان واضحا بأنه في حالة الموافقة على الزيادة في الأجور فإنّه لن يستمر في إكمال تقديم القرض لميزانية الدولة، وهو ما اعتبر محدّثنا أن عدم حصوله سيعتبر مصيبة عظمى لان بقية المقرضين الآخرين من البنوك ستقلّد قرارات صندوق النقد الدولي باعتباره يمثل البوصلة التي يتم تتبّع مسارها..

رضا السعيدي.. إقرار الإضراب العام سَيُشكل خطورة

من جانبه ذكّر المستشار لدى رئيس الحكومة المكلّف بالشؤون الاقتصاديّة رضا السعيدي بالوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به تونس .
وحول إمكانية شن الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابا عاماً في صورة تمسك الحكومة بتأجيل الزيادة في الأجور، قال السعيدي في حوار لراديو شمس اف ام  «نحن نعول بشكل كبير على تفهم وتقدير الاتحاد نظرا لدقة المرحلة التي تمر بها البلاد».
وتابع السعيدي قائلا «اتخاذ مثل هذا القرارات (الإضراب العام) سيُشكل خطورة في مثل هذا الظرف الذي تعمل فيه الحكومة على إقناع المستثمرين بالوجهة التونسية وفق تعبيره.
وأضاف رضا السعيدي أنّ الاستثمار في تونس يستند بالأساس على الوضع السياسي والاستقرار الاجتماعي، فمغادرة أغلب المؤسسات لتونس كان لأسباب اجتماعية وليس بسبب الإرهاب بحسب تصريح المستشار لدى رئيس الحكومة..
وقدم كمثال على ذلك الــ 400 موطن شغل التي تمتّ خَسارتها في المغيرة في عهد الحكومة السابقة بسبب توتر نقابي إداري .

ما جاء في البيان التصعيدي للاتحاد العام التونسي للشغل..

* الرفض القطعي لقرار الحكومة بإلغاء الزيادات في الأجور معتبرا انه ضرب للحوار الاجتماعي ولمصداقية الأطراف الاجتماعية والتفاف على وثيقة قرطاج.  
* اعتبار مراجعة السلم الضريبي إجراء مفصولا عن الزيادات في الأجور ولا يمكن أن يعوضها  ويرفض مقايضتها بأي شكل من الأشكال ويطالب بإصلاح ضريبي قائم على العدالة والإنصاف.  
* اعتبار أن التراجع عن الزيادات في الأجور إجراء مفتعلا له خلفيات سياسية من شأنه ان يضرب الاستقرار الاجتماعي ويزعزع الأوضاع في البلاد ويزيد من تأزمها.  
* تجديد مطالبة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بالإسراع بفتح التفاوض للزيادة في أجور القطاع الخاص لسنتي 2016 و2017 وفق الاتفاق الإطاري الممضى في الغرض.

متابعة: منارة تليجاني

المصدر: الجمهورية