شاه حسين الديماسي: هــكــذا ستكـون ميـزانـية 2017 مصدر نكبة لم يعرف التاريخ التونسي مثيـلا لها..

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / حسين الديماسي: هــكــذا ستكـون ميـزانـية 2017 مصدر نكبة لم يعرف التاريخ التونسي مثيـلا لها.. / Video Streaming

النهضة حطّمت البلاد.. وأوضاعنا الاقتصادية في «أسفل السافلين»
أقول للاتحاد العام التونسي للشغل «اعمل عقلك»
الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي يقودان البلاد نحو الهاوية

في ظلّ تواصل الجدل حول ما تضمّنه مشروع ميزانية 2017 الذي صادق عليه مجلس الوزراء مؤخرا والانتقادات الواسعة التي وجّهت له بسبب ما تضمنه من إجراءات جبائية وضعتها الحكومة بهدف مجابهة الوضع الاقتصادي المتأزم والهش الذي باتت تعيش تونس على وقعه اليوم، ارتأت أخبار الجمهورية في هذا العدد الاتصال بالخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حسين الديماسي للحديث معه حول موقفه من هذا الشأن ورصد تحليله للأوضاع الاقتصادية التي تعيش على وقعها البلاد ..
كما كان لنا معه متابعة لعدّة مسائل أخرى وجّه عبرها العديد من الرسائل «الحادة» تتابعونها في الحوار التالي..

ـ في البداية لو تحدّد لنا موقفك وقراءتك لما جاء في مشروع ميزانية  2017..
هي ميزانية سويّت في وضع غير عادي وصعب للغاية وهو موروث عن السنوات الماضية المبنية على تراكم شديد للأخطاء الكبيرة التي حصلت منذ بداية 2011 إلى يومنا هذا..
وبطبيعة الحال ميزانية 2017 كانت موروثا لستّ سنوات من السياسات الخاطئة، وبناء على هذا أقول انّها ميزانية متشعّبة غير متوازنة، لكن ما زاد الطين بلة بشكل مخيف هو ردة الفعل السلبية من قبل الأطراف الاجتماعية إزاء ما جاء في هذه الميزانية وأعني بالخصوص النقابات وهو ما سيعقد الوضع بشكل كبير جدا..
ـ وماذا بعد؟
وأقول هنا انّه إذا تخلت هذه الحكومة عن إجراءاتها ضمن هاته الميزانية في ظلّ تواصل الصدام بينها وبين الأطراف النقابية خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل، إذا تخلت الحكومة عن نقطتين أساسيتين وهما تأجيل زيادة الأجور ووقف الأداء الإضافي على هامش ربح المؤسسات الاقتصادية فستصبح هذه الميزانية باستحالة التصرّف فيها مصدر نكبة لم يعرف التاريخ التونسي مثيلا لها..
في المقابل إذا لم ترضخ الحكومة ولم تستسلم في ظل تشنج الأطراف الاجتماعية والنقابية خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل عبر دعوته إلى الإضراب، زد على ذلك ردة الفعل المحتملة للأعراف كالتخلّي أو التقليص في الاستثمار فالانعكاس على الاقتصاد سيكون سلبيا للغاية وله الوقع الشديد..
ـ وماهو الحل إذن برأيك؟
الحل الوحيد للخروج من هذا الجدل ومن هذه الدوامة المفزعة التي نعيش على وقعها هو تعامل هذه الأطراف مع الحكومة أي بما قدّم في مشروع ميزانية 2017، إلى جانب عدم اتجاه أعضاء مجلس الشعب بالمس من هذه الميزانية وإحداث اضطراب على صيغتها أو فرض التراجع في عدة نقاط فيها.
ـ وهل تعتبر أنّ التأجيل في الزيادة من الاجور سيكون له وقع سلبي على الطبقات الوسطى والفقيرة في البلاد؟
الاعتقاد بأن التأجيل في الزيادة في الأجور سيؤثر على الطبقات الوسطى هو أكبر خطأ ونظرية غير صائبة  وأكبر دليل هو أن السنوات الماضية التي شهدت زيادة متضخمة في الأجور، شهدت في المقابل تراجعا في المقدرة الشرائية للمواطن..
الزيادة في الأجور هي التي كانت من بين الأسباب الأساسية في ذلك، ولكن للأسف الأطراف النقابية لم تستخلص العبرة وتأخذ بها بل تمرّست في فرض مواقفها التي لا تتماشى مع واقعنا الاقتصادي الهش ..
ـ هل هذا فيه نقد ضمني موجه للاتحاد العام التونسي للشغل؟
ليس ضمنيا، بل فيه نقد شديد موجّه للاتحاد العام التونسي للشغل وهذا النقد لم يأت من صلب اليوم فحسب، بل ومنذ سنوات وأنا أوّجه له رسالة مفادها اعمل عقلك وتعامل مع هذه الوضعية الاقتصادية بعقلانية وواقعية.. وكفى من هذه الطفرة المبنية على الشعبوية والعاطفة خاصة في ظلّ رؤيته ما آلت إليه نتيجة تجربة الستّ سنوات من فرض آرائه على الحكومات المتعاقبة..
وتجدر الإشارة إلى أن سهام نقدي ليست موجهة للاتحاد العام التونسي للشغل، فحسب بل إلى عدّة أطراف أخرى كانت أيضا متسببة وتتحمل جانبا من المسؤولية في ما آلت إليه هذه الأوضاع..
ـ لو تحدّد لنا من تكون هذه الأطراف الأخرى؟
أقصد كل الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية، التي ليس لها لا برامج اقتصادية ولا اجتماعية و»لا هم يحزنون».. فليس لهم إلا التحلّي بالشعبوية الزائدة عن اللزوم وخاصة حركة النهضة..
ـ على ذكر حركة النهضة، كنت قد حمّلتها المسؤولية في ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في البلاد فلو تحلل لنا ذلك؟
الكارثة التي نعيش على وقعها بدأتها «الترويكا» عبر الزيادات العشوائية في الأجور والانتدابات الفوضوية في الوظيفة العمومية وعبر الحضائر الخ.. فدخلت النهضة في سرداب من الدمغجة والشعبوية حتّى حطمت البلاد، وللعدل فالأحزاب الأخرى ليس بعيدة عنها واكبر دليل هو أن حكومة الحبيب الصيد قبل رحيلها جدّدت ذات الأخطاء التي ارتكبتها الترويكا..
مع العلم أن الحبيب الصيد لم يكن هو الذي يحكم ويقرّر بل الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي هما اللذان يحكمان ويسيّران مصير البلاد إلى اليوم نحو الهاوية..
ـ هل من رسالة توجّهها لحكومة يوسف الشاهد؟
أقول لها «شدّ الصحيح» في مواقفك قبل أن تزيد الأوضاع سوءا، يوسف الشاهد مازالت أمامه طريق طويلة ومعقدة بعد «الورثة التي ورثها» وهو مثل الحبيب الصيد ومهدي جمعة يظهر على انه يحكم وهو ليس يحكم بل ينفذ كل ما قيل له لا أكثر ولا اقل ومن يأمر ويحكم هو الذي أدى بنا إلى هذا المأزق..
ـ في كلمات إذن، هل من تشخيص دقيق للأوضاع الاقتصادية التي تعيش على وقعها تونس اليوم؟
في حالة و أوضاع سيئة للغاية «مكربة» فسواء على مستوى نسق النمو أو على مستوى الميزان التجاري أو على مستوى قيمة العملة، نحن في وضعية توصّف بـ «أسفل السافلين»..
ـ هل من حلّ؟
السؤال هذا يوّجه إلى كل من يتحمّل مسؤولية هذه الأوضاع، إلى من يحكم في البلاد اليوم، فأنا دوري القيام بالتشخيص وليس إيجاد الحلول.. وأنا هنا لا اقصد رئيس الحكومة يوسف الشاهد بل كلاّ من الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي..

حاورته: منارة تليجاني

المصدر: الجمهورية