شاه المنصف بن مراد يوجه رسالة بالضوء الأحمر إلى رئيس الحكومة…

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / المنصف بن مراد يوجه رسالة بالضوء الأحمر إلى رئيس الحكومة… / Video Streaming

 تونس-الاخبارية-وطنية-اعلام-رصد

 

كتب الإعلامي المخضرم المنصف بن مراد صاحب موقع ” أخبار الجمهورية” الرسالة التحذيرية التالية إلى رئيس الحكومة و كأنها إشعال للضوء الأحمر:

ما هي «الورثة ـ التركة» التي وجدها السيد يوسف الشاهد رئيس الحكومة في جرابه؟ مديونية بـ56.000 مليار سنة 2016 في حين كانت تناهز 25.000 سنة 2010 بما يعني انّ حكومات الترويكا وما بعدها تداينت لتشغيل «مناضليها» وأنصارها ولتقديم تعويضات مشطّة وغير أخلاقيّة حيث كانت التعويضات والمكافآت نتيجة للولاء للحزب، لا من أجل تونس!  لقد ازداد الطين بلّة «بثقافة» غياب الجدية والانضباط في الشغل وانتشار الفساد في كلّ القطاعات وعلى جميع المستويات، والمؤلم أنّ حكومتي مهدي جمعة والحبيب الصيد لم توقفا نزيف هذا الانحدار، بل هذا السرطان.. لقد فقدت تونس ثوابتها وقيمها حتى أصبحت شبه دولة تضمن استمراريتها بفضل القروض المفرطة،  وفضلا عن ذلك فهي لم تحاول فرض العدالة الجبائية الكفيلة بضمان 8000 مليار من مليماتنا تقريبا كما لم تحارب كبار الفاسدين أصدقاء كبار الأحزاب ومموّليها.
ودعني أؤكّد لك يا سي يوسف أن الفساد زحف على كل القطاعات وكل الوزارات ـ ما عدا الجيش التونسي ـ فقد أصبح الفاسدون هم الذين ينتفعون بمداخيل الدولة داخل الدولة فهناك دولة موازية داخل الدولة تستأثر بالضرائب والأتاوات «الخاصّة» وتترك القليل منها للدولة الشرعية..

انّ حدودنا وموانينا ومطاراتنا باتت مثل «الكسكاس» أو الغربال،  ورغم بطولة الجيش والأمن اللذين قلّصا نسبيا من هذا الطاعون، فإنّه لولاهما لتحوّلت تونس إلى دولة المافيا، والعصابات علما انّ هذا الميدان بحوزته ما بين 25.000 و40.000 مليار ويشغل ما يناهز 15.000 شخص فقط! لكل ّ ذلك نحن بحاجة الى حكومة حرب، لا الى حكومة أبرز عناصرها من الأحزاب والبعض منهم «أصدقاء» لكبار الأحزاب وفي خدمتها.
ما معنى وزير حديدي ووزير حرب؟ على سبيل الذكر لا الحصر ان ينظّم وزير الداخلية حملة تحسيسية لحمل كل الإطارات والأعوان في الأمن والحرس على رفض «البقشيش» أو الانخراط في الفساد،  ثم بعد اشهر إعلان حرب على هذه الآفة سواء كان المجرم مديرا أو رئيس اقليم او منطقة أو رئيس مركز أو ضابطا أو عونا! أما اذا استمر البعض في ممارساتهم، حقت محاكمتهم وسجنهم لأنّ الفساد مرتبط أيضا بالارهاب ولأنّ الجريمة أضحت وسيلة ابتزاز واثراء سريع! لن أدّعي انّ كل الأمنيين ضالعون في الفساد ولكن هناك عدد منهم يتعاطونه.. من جهة أخرى، على الوزير أن يمنح المسؤولية للضبّاط الشبّان ويهتمّ بتكوينهم حتى ينقذوا الأمن من الفساد!انّ أيّ وزير داخلية مطالب بأن يرسي نظاما حديديا لانهاء الفساد في الشرطة والحرس رغم انّ هذين السلكين يزخران ايضا بحرس وأمنيين وطنيين ونزهاء وهم غير قادرين على التصدّي لأنّ الفساد أصبح منظومة متكاملة وحاكمة.

أما وزيرة المالية فسيحكم لها أو عليها انطلاقا من صرامتها في تنظيم وتخليص الديوانة من كل من كان يمارس الفساد في الماضي..  قبل تغييرالنظام كانت عائلات الطرابلسي وبن علي وبعض أصدقائهم يتحكّمون في الحدود والمواني والمطارات.. كان عددهم لا يفوق العشرين كل واحد منهم يجني حوالي 30 مليارا في السنة واليوم اصبح عدد الفاسدين بالمئات وكل واحد منهم يغنم 30 مليارا في السنة.. انّ المنظومة الأمنية وسلك الديوانة تمّ اختراقهما أو توظيف جزء هام منهما لتحقيق ثراء فاحش بسرعة وكل الوزراء منذ تغيير النظام يغضون النظر ولا يحرّكون ساكنا!
ثم ما هي قدرة وزيرة المالية  على فرض العدالة الجبائية التي يمكن أن توفّر لخزينة الدولة ما يناهز8000 مليار علما انّ كل وزراء المالية ورؤساء الحكومات السابقين لم يجرؤوا على فرض العدالة الجبائيّة بدليل انّ المهن الحرّة تعيش عامة في نعيم تاركة الأجراء يضخّون 80 ٪ من مداخيل الضرائب المباشرة! وفي ما يتعلق بالشركات المصادرة هناك مئات منها لم تقع مصادرتها وقد كانت على ملك العائلات الحاكمة، ولكن من يتصرّف فيها ويمتلكها بصفة صوريّة فهم عدد من الأشخاص في خدمة الحكام الفعليين في النظام السّابق.. ومن منّا لا يعرف انّ كبار الفاسدين ومن أثروا في وقت قياسي يمتلكون أموالا طائلة في تونس والخارج لا علاقة لها بما يصرحون به اليوم أمام هياكل التحقيق؟ انّ فلانا الذي يبدي استعداده لدفع 40 مليارا ـ على سبيل المثال ـ كتعويض يمتلك ـ على الأقل ـ 600 أو 700 مليار! وحين يعلن عن استعداده لارجاع 40 مليارا فهو على يقين من أنّ المنظومة ستقبل هذا التعويض.

وبخصوص وزارة العدل، لا شكّ انّ الوزير سيحاسب عن قدرته  على تطهير هذا القطاع وإعادة الشعور بالثّقة الى نفوس المواطنين علما أنّه والى يومنا هذا، هناك أطراف تدّعي انّ القضاء التونسي يؤثر حزب عقائدي وآخر ممّن بقي من أنصار المنصف المرزوقي في تعامله مع الارهاب ..
ثم هناك مسألة في منتهى الخطورة وتتعلق بمواقف بعض المسؤولين الأمنيين فهم يؤكّدون انّ الأمن يوقف الارهابيين ولكن القضاء يسرّحهم بسهولة. وهم يشيرون بذلك الى انّ عددا من القضاة يتساهلون مع من يقع ايقافهم متجاهلين الكوارث التي يسبّبونها لبلادنا.
يا سيدي رئيس الحكومة هذه بعض المشاكل التي يتطلّع الرأي العام الوطني الى الاهتمام بها. ودون فضها لن تنجح الحكومة ولن تخرج تونس من النفق الذي تردّت فيه.
هذه بعض الأفكار،  وهي مقدّمة لافتتاحية تعرض عددا من التهديدات تحدّق بمكاسب تونس وتتربّص بالطبقات الفقيرة والمتوسّطة ومستقبل بلادنا.. انّ ما أقصده هو محاولات الإضرار بميدان الصحّة والصناديق الاجتماعية والتعليم والتقليص من مشاريع البنية التحتيّة. وللحديث بقيّة..