شاه الــقــلـم الــحــــر: من هــم الشهـداء فـي تونس اليوم؟!

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / الــقــلـم الــحــــر: من هــم الشهـداء فـي تونس اليوم؟! / Video Streaming

بقلم الأستاذ عفيف البوني

1 )قضية وحقوق الشهداء في تونس اليوم يرددها كل السياسيين ويهرب منها الرسميون! والسبب، أن السياسيين والرسميين مختلفون حول معنى الشهيد والشهادة ومتى استشهد الشهيد ومن أجل أي هدف، ثم هو من أي حزب؟ وفي أي زمن؟
2 )ما الفرق بين معنى الشهيد ومعنى الضحية ومعنى المقتول في خضم او في زمن انتفاضة او ثورة لسبب ﻻ صلة له بهما؟
معنى الشهيد في اللغة هو من فارق الحياة بفعل قاتل من خارج الموت الطبيعي  او قبل اﻷجل البيولوجي ، وفي المسيحية واﻹسلام، هو من مات مقتوﻻ بسبب رفضه التخلي عن، او دفاعا عن المسيحية او اﻹسلام.
والشهيد من اجل الوطن، في الفكر الوطني والسياسي هو من مات مقتوﻻ بسبب دفاعه عن وطنه ورفضه اﻹستسلام ويرمز له في عصرنا اجلاﻻ بنصب الجندي المجهول.وشهيد الثورة هو من قتل وهو بصدد النشاط السياسي المدني الفعلي الهادف ﻹسقاط نظام الحكم الفاسد في مناخ ثورة شعبية لغالبية كبيرة من الشعب توافقت وتزامنت في نشاطها السلمي تعبيرا عن رفض النظام، بما يعتني الخروج الجماعي ﻷغلبية ساحقة من الشعب على القانون السائد والشرعي لتعويضه بشرعية أخرى.
ومن يستشهد فعلا يشهد له شهود ثقاة عاينوا استشهاده وهم يفرقون بين تلك الحالة وحالة من خرج على القانون خرقا للنظام والحق العام، كما في حاﻻت السرقة مثلا.
اللجنة الوطنية ﻻستقصاءالحقائق حول التجاوزات واﻹنتهاكات الحاصلة خلال الثورة بين 17 أكتوبر 2010 و23 أكتوبر 2011، أمدتني بتقرير ، نشرته في مجلتي( قضايا استراتيجية)ديسمبر 2011، به عدد شهداء الثورة به 242 او 248، وعدد الجرحى 2087.

نحن اﻵن في آخر أوت 2016 وقائمة الشهداء والجرحى الرسمية، لم تعلنها الدولة بعد، واﻷحزاب حاكمة ومعارضة، تصمت، واحيانا تتذكر الشهداء، وفي حدود علمي، الثورة لم تكن من فعل اﻷحزاب، وليس لهذه اﻷحزاب شهداء من بين من استشهدوا.
التأخير الرسمي في اعلان القائمة الرسمية ﻻ يرجع ﻷسباب بيروقراطية بل لتجنب اعلان الفرز الحقيقي لقائمة اسماء الشهداء  وعدم إدراج المقتولين او الضحايا الذين ﻻ دليل على أنهم استشهدوا من أجل الثورة، وقد ثبت وجود أسماء  مقتولين او ضحايا قتلوا في ظروف وﻷسباب ﻻ صلة لها بالثورة او بالنضال السياسي.
أذكر أنه بعد اﻹستقلال، وقعت دعوة رسمية لتسجيل قائمة بأسماء الفلاقة ( الثوار )فجاء اﻵﻻف للتسجيل، بعضهم كانوا ثوارا، وبعضهم ادعوا ذلك، وحين ﻻحظ الباهي اﻵدغم كثرة المدعين باطﻻ، قال:لو أن عدد الفلاقة او الثوار كان بهذه الكثرة لكنا قد أحرزنا على اﻹستقلال قبل 1956 بمدة طويلة..

حقيقة هناك لبس في ضبط قائمة شهداء الثورة الحقيقيين، وعلى الدولة ان تنتهي من هذا الموضوع، وأن تستعين في تدقيق القائمة بالمجتمع المدني غير المتحزب وبأجهزة اﻷمن وغيرها، وأن تتعامل مع الشهداء بما هو واجب وطني وأخلاقي تجاههم رمزيا كتسمية الشوارع او الساحات بأسمائهم مثلا، وأن ترعى رعاية كريمة أفراد أسرهم، وعلى الدولة اﻻ تدرج أسماء من ﻻ صلة لهم بالثورة، وأقترح على رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، أن تشكل لجنة من بعض المؤرخين والفلاسفة والفقهاء في القانون ورجال الثقافة، لوضع تعريف رسمي لما نعنيه بمصطلح او مفهوم الشهيد، يقع اعتماده مرجعيا ووطنيا وسياسيا، وذلك لخلو الدستور والقانون التونسي من لفظ ومصطلح الشهيد، ولوجود اختلاف سياسي كبير بين الناشطين سياسيا في تونس وهم من مشارب سياسية مختلفة، وأشير الى ما ورد في قانون الهيأة الوطنية للحقيقة والكرامة حيث وقع التلاعب باﻷلفاظ والمصطلحات  فتداخل الوطني مع السياسي والحزبي والظرفي واﻹيديولوجي عندما وقع التعميم الغامض والمقصود بمن وصفوا انهم ضحايا اﻻنتهاكات من منتصف الخمسينات وحتى الزمن الراهن خصوصا من قضوا استشهادا او شنقا او اعداما او اغتياﻻ او قتﻻ..ولم يقع التفريق بين الشهيد من اجل اﻹستقلال وبين المتآمر ضد الشرعية او المتمرد ضد القانون او الذي مات مقتوﻻ من أجل حزبه او من أجل تطبيق الشريعة او بسبب مغامرة مسلحة من اجل وحدة عربية متخيلة..
أعتقد أن الحكمة واللحظة تقتضيان وضع النقاط على الحروف حتى ﻻ يستمر الخلط بين الحقائق والمفاهيم وحتى ﻻ تداس حقوق كثيرين جدد بتعلة انصاف من انتهكت حقوقهم في الحاضر او في الماضي، وهم لم يكونوا من المدافعين او المضحين من اجل تونس او من اجل الحريات، ﻻ يجب ترك هذا الخلط،ورئاسة الدولة والحكومة، تتحملان المسؤولية.

المصدر: الجمهورية