شاه خبـــراء يحلّلــــون تداعيات سـيــاسـة التقشّف: تنفير للمستثمرين..وتحــذيــر مــــن احتـقـان اجتماعـي

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / خبـــراء يحلّلــــون تداعيات سـيــاسـة التقشّف: تنفير للمستثمرين..وتحــذيــر مــــن احتـقـان اجتماعـي / Video Streaming

لوح يوسف الشاهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية في خطابه خلال جلسة المصادقة على حكومته، بأن تونس ستضطر إلى تبني برنامج تقشف في العام القادم يتضمن تسريح الآلاف من موظفي القطاع العام، وفرض ضرائب جديدة إذا لم تستطع التغلب على صعوباتها الاقتصادية.
ورغم أنّ الشاهد قد شدّد في نهاية خطابه على انّ هذه الحكومة ستبذل قصارى جهدها في ما يتعلق بإيجاد حلول لإنقاذ الوضعية الاقتصادية المتردية وحتى تنجي البلاد والعباد من «مرارة» الانتقال إلى سياسة التقشف مؤكدا في ذات السياق ان حكومته لا تنوي التفريط في أي مؤسسات عمومية كما يتم الترويج له، رغم كل هذه التطمينات من «الشاهد» إلاّ أنّ الشارع التونسي أصبح متوجّسا مما تخفيه الأيام القادمة خاصة في ظل إطلاق العديد من الخبراء الاقتصاديين لتحذيرات جدية حول ما ستؤول إليه الأوضاع  وانعكاساتها..
في هذا الإطار اتصلت أخبار الجمهورية بوجوه مختصة في هذا المجال لتسليط الضوء حول هذا الموضوع فكشفوا لنا تشخيصهم للأوضاع الاقتصادية في تونس …

عز الدين سعيدان يحلّل أسباب العجز ويقدم هذه الحلول

اعتبر الخبير المالي عز الدين سعيدان أنّ الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد صعب للغاية والى حدّ بعيد جدا، مشيرا الى انّه جاء نتيجة سوء التصرف وانتهاج اختيارات خاطئة وغير موفقة في ميدان التصرف في الشأن العام الاقتصادي والمالي..
واعتبر أيضا أن الأزمة المالية حادة في ما يتعلّق بميزانية الدولة حيث كشف انّ العجز المالي قد بلغ 6.5 مليار دينار وهو مبلغ كبير وهائل وغير مسبوق، مشددا في ذات السياق على ان الوضع الاقتصادي في حالة انكماش لانعدام النمو والثروة الإضافية..
وتساءل الخبير عن مصير بناء ميزانية 2017 في ظل بلوغ استحقاقات الدين العمومي ما يفوق 8 مليار دينار للسنة القادمة وهو ما يعني بالضرورة اتجاه الدولة إلى اتخاذ إجراءات صعبة وموجعة حتى تتمكن من بناء ميزانية 2017 على حد تعبيره..
واعتبر محدّثنا أن مفهوم سياسة التقشف يمكن تفسيره عبر معنيين أو فرضيتين اثنتين فإما الاتجاه نحو اعتماد الترشيد في نفقات الدولة أو اعتماد التخفيض في هذه النفقات، قائلا إن الفرضية الثانية هي التي تحدّث عنها يوسف الشاهد في خطابه خلال جلسة المصادقة على حكومته معتبرا ان هذا النوع من التقشف خطير جدا وعادة ما يكون على حساب الفئات الضعيفة والمتوسطة.
وأكد الخبير الاقتصادي سعيدان انه كان من الأحرى ان تتجه الدولة نحو إيجاد حلول سريعة لإنقاذ الاقتصاد وإخراجه من هذا المأزق والدخول بقوة صلب الإصلاحات الضرورية التي تأخر تطبيقها بدل إطلاق التحذيرات من اللجوء إلى سياسة التقشف التي سيكون لها تبعات وخيمة على نحو الاحتقان الاجتماعي وبروز أزمة فقدان الثقة خاصة وان هذا النوع من التقشف لم ينجح في إنقاذ اقتصاد عدد من البلدان التي التجأت اليه..
وبشأن الحديث عن أبرز الحلول التي ستساعد على «الوقاية» من  اللجوء إلى سياسة التقشف التي تحدث عنها الشاهد، اعتبر سعيدان أنّ الحل يكمن بالأساس في إعادة بناء الثقة ـ إن كانت جدية ـ عبر إبراز الآليات المعتمدة في مقاومة الفساد والإصلاح الجبائي وإيجاد حل للمصادقة على مخطط التنمية ومجلة الاستثمار علاوة على عمل برنامج لإنقاذ الاقتصاد شبيه ببرنامج 1986 وذلك بأسرع وقت ممكن على حد تعبيره..  

مراد الحطاب: اقتصادنا يصارع للنجاة من الاندثار

من جهته شدد المختص في إدارة المخاطر المالية مراد الخطاب، على أن الإقتصاد التونسي يواجه اليوم صراع «بقاء أو اندثار» وهو ما يتطلب «إجراءات عاجلة على المدى القريب» مشيرا إلى أن نسبة التداين في تونس تجاوزت 61 بالمائة من الناتج الداخلي الخام نافيا أن تكون كتلة الأجور التي يتم خلاصها بالدينار التونسي السبب الرئيسي وراء تفاقم التداين مؤكدا أن التوريد العشوائي الذي يستخلص بالعملات الأجنبية يعد السبب الرئيسي في ذلك ..
وأضاف الحطاب في تصريحات إعلامية سابقة، تعليقا على بيان رئيس الحكومة أن الشاهد «تحدث عن الأولويات دون ترتيب لذلك كانت دون انتظارات التونسيين» معتبرا أن ترتيب الأولويات أهم من تحديدها وهو «ما لم يقم به رئيس الحكومة المكلف»، مشيرا إلى أن الحديث عن قانون الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، والذي يتسم بمعالم غير واضحة،كما ان مجلة الاستثمار التي يمكن اعتبارها مجلة الاستثمار، لم ترق إلى انتظارات حتى أحزاب الائتلاف الحاكم.
وأبرز الحطاب أن في تسريح الموظفين (إذا ما تم إتباع سياسة تقشف مع تأزم الوضع الاقتصادي) سيخلف بالأساس تراجعا للاستهلاك وبالتالي تقهقر الإنتاج والاستثمار على حد السواء مما ينتج توقفا للنمو مشيرا في ذات الصدد، الى أن القطاع العمومي لا يهدف إلى الربح والمنفعة المالية بل هو قطاع تعديلي يتدخل عند غياب القطاع الخاص مبينا أن في التفريط في القطاع العمومي تهديدا للقطاع الخاص لارتباطهما ببعض.
ورأى الحطاب أن الأولويات التي كان على الشاهد التوقف عندها وترتيبها هي التأكيد للتونسيين على عدم وجود نية للتفريط في الممتلكات الوطنية سواء العمومية منها أو الخاصة مع إعادة النظر في ما جاء في مذكرة ورسائل النوايا التي تم تبادلها بين السلط المالية التونسية والمؤسسات المالية الدائنة مع تقديم كشف دقيق لحيثياتها وفحواها للشعب التونسي.
وتتمثل الأولية الثانية، في التركيز على الاستثمار من خلال وضع أهداف كمية واضحة مشيرا إلى أنه كان من الأحرى أن «يتعرض رئيس الحكومة إلى الوعود التي تقدم بها «أصدقاء تونس» في مجال الاستثمار والتي ينتظر أن تعرض في المؤتمر الدولي للاستثمار المزمع تنظيمه موفى 2016 بتونس في حين تهم الأولوية الثالثة إحداث مشروع صناعي على الأقل بكل ولاية خاصة أن الوضع الاجتماعي بالجهات بات يفوق طاقة احتمال التونسيين في حين تتلخص الأولوية الرابعة، في إيجاد الحلول العاجلة للوضع البيئي الكارثي الذي تعيشه البلاد والذي يعيق الاستثمار والسياحة على حد السواء.

فتحي النوري: التفاوض هو السلاح السحري

بدوره لم يكن تصريح الخبير الاقتصادي فتحي النوري مجانبا لما جاء في مداخلات الخبراء الاقتصاديين أعلاه معتبرا انّ تونس تمر بمرحلة اقتصادية حرجة للغاية سيكون لها تبعات كبيرة على ميزانية الدولة، مشيرا إلى انّ  لا يمكن معرفة نوعية الإجراءات التي سيتم إتباعها في ما يتعلق بهذه الأزمة ما لم تتحدد الملامح الكلية للميزانية التكميلية لسنة 2016..
في المقابل اعتبر النوري انّه في حال لجوء الدولة إلى إتباع سياسة التقشف فإن المقدرة الشرائية سوف تمس في حين سيستمر العجز في التفاقم..
وأضاف في المقابل انّ تونس اليوم قد تكبدت ما مقداره 2 مليار دينار كنقص في المداخيل الجبائية على اعتبار الضعف الشديد للنمو الاقتصادي زد على ذلك انعدام خلق الثروات الذي عكسه انهيار أسعار البترول وتقاعس الشركات عن العمل الدؤوب ممّا أدى إلى النقص الفادح في ميزانية الدولة..
وقال في ذات السياق محدثنا أن الحل الوحيد هو أن تلجأ الحكومة الجديدة قبل الانتقال إلى مرحلة التقشف إلى اعتماد حل المفاوضات مع منظمة الأعراف لأنه السبيل الأنجع لإنقاذ البلاد من أزمة اقتصادية فادحة، معتبرا ان من ينجح في التفاوض السياسي لإنقاذ البلاد من ورطة سياسية قادر على النجاح في التفاوض الاقتصادي لنجدتها من ورطة اقتصادية..
هذا كما شدّد الخبير الاقتصادي فتحي النوري على ضرورة أن يكون للدولة سياسة تجارية واقتصادية صارمة تفرض عبرها إيقاف التوريد العشوائي وتشجيع الصادرات..

رضا الشكندالي: سياسة التقشف ستؤدي إلى هروب المستثمرين

من جهته أفاد الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي في تصريحه لاخبار الجمهورية انّ ما جاء في خطاب يوسف الشاهد في ما يخص الأزمة الاقتصادية لم يعن انّ هناك نية فعلية إلى اتجاه الحكومة لاعتماد سياسة التقشف بما يعني في جزء منها اللجوء إلى تسريح عدد من الموظفين، بل انّ الشاهد حذّر في خطابه من مغبة استمرار الوضعية الاقتصادية على ماهي عليه في ظل عدم عودة الموظفين إلى سالف نشاطهم بما يعني فرضية الالتجاء إلى تلك السياسة..
وقال محدثنا إن معنى إتباع سياسة التقشف يختزل في اعتماد الحكومة مسار تقليص نفقات الدولة وإيقاف الانتدابات، وتسريح بعض العمال في الوظيفة العمومية وزيادة الاداءات على بعض الأشخاص ناهيك عن تقليص سياسة التنمية واستخلاص التأمينات على المرض.
واعتبر انّ تطبيق هذه السياسة في ما يخص تسريح الموظفين سوف يؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة وهو ما يعني مزيدا من الاحتقان الاجتماعي والذي سيؤدي بدوره إلى هروب المستثمرين بعد عدم توفر بيئة مناسبة لهم للاستثمار، كما سيؤدي أيضا إلى تقليص النمو الاقتصادي بما يعني تقليص الموارد المالية للدولة أي الزيادة في حجم الديون..
وفي ما يتعلق ببسط رؤيته بشأن الحل الأمثل لتفادي هذه الأزمة الاقتصادية، قال الشكندالي انّ دعم الاستثمار الخاص هو الحل الأمثل في مثل هذه الوضعية، مستنكرا في ذات السياق عدم وجود تمثيلية لمنظمة الأعراف في تركيبة حكومة الشاهد الجديدة وهو ما يعني عدم الاهتمام الكافي بجانب الاستثمار الخاص..
 كما اعتبر انّه كان لابد من تطرق رئيس الحكومة في خطابه إلى مسألة العدالة الانتقالية والحسم فيها عبر إبراز الآليات والمقاييس التي سيتم على أساسها تطبيق مسار العدالة الانتقالية، ذلك أن عدم الحسم في هذه المسالة سيؤدي إلى عزوف المستثمر الاجنبي عن البقاء في تونس..

منارة تليجاني

المصدر: الجمهورية