شاه لأول مرة فؤاد المبزّع يتحدث عن حواره الهاتفي مع بن علي وأحداث 14 جانفي

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / لأول مرة فؤاد المبزّع يتحدث عن حواره الهاتفي مع بن علي وأحداث 14 جانفي / Video Streaming

مدونة "الثورة نيوز": كان يوم 14 جانفي 2011 يوم جمعة، باشرت مهامي العادية بمجلس النواب، صباحا، ثم رجعت الى بيتي... وكانت المعلومات هي نفسها التي تصل الناس... لم تكن لنا معلومات خاصة عن حقيقة ما يجري بالبلاد...
مثلا، قبل جانفي 2011 كانت هناك أحداث كبيرة ومهمة وخطيرة، تحدث في الحوض المنجمي في 2008... وكنت وقتها أستقي المعلومات الميدانية عن طريق زملاء نواب بالمجلس من الجهة... كذلك الأمر بالنسبة لأحداث سيدي بوزيد التي انطلقت منتصف ديسمبر 2010... النفاذ الوحيد للمعلومة كنت أتوصل به بواسطة زملاء نوّاب من الجهة...
يوم 14 جانفي 2011 اذن كنت أتابع تطورات المظاهرة الكبرى بشارع بورقيبة، لا عن طريق أجهزة الدولة (الرسمية) بل من المشاهدات والمشاركات من أصدقاء او من العائلة ممن كانوا في شارع بورقيبة يومها...
مساء الجمعة 14 جانفي باغتتني مكالمة هاتفية من الرئاسة (الأمن) حيث قال لي مخاطبي: معك الرئاسة... أنت في منزلك... نحن بحاجة اليك الآن... سنأتي لنصطحبك...
ما هي الا دقائق قليلة حتى جاءني عدد من أمن الرئاسة فأخذوني على متن سيارة «مرسيدس سوداء» تابعة للأمن الرئاسي نحو القصر الرئاسي بقرطاج... لم ينبسوا بكلمة واحدة طوال «الرحلة»... كان عددهم أربعة او خمسة، ولجنا الباب الرئيسي لقصر قرطاج، لكن لم ندخل القصر، بل جنحوا بي الى بناية خاصة بالأمن الرئاسي... اعتقد أنها تسمى قاعة العمليات. وصلنا فوجدنا مجموعة من عناصر الأمن الرئاسي.. أحدهم كان اسمه «سيك سالم». قال لي تفضّل أنت الرئيس الآن.. قلت له كيف؟.. قال هناك تراتيب.. فقلت أين الوزير الأول؟.. وما هي الا لحظات حتى جاء السيد محمد الغنوشي.. لم أكن أعلم أن الرئيس خرج من البلاد.. قال لي «سيك سالم»: الرئيس «مشا...» أنت الرئيس الآن...
جاء سي محمد الغنوشي.. فسألته عن الخبر فقال: في بالي.. بن علي خرج من البلاد...
حسب الدستور هناك ناحيتان: هناك الشغور المؤقت، وفيها عندما يغادر الرئيس البلاد يعطي المهمة للوزير الاول عبر وثيقة مكتوبة.. والثانية هناك الشغور الدائم (حسب الدستور) حيث يتولى رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين إن تعذّر على الأول مسك مهام الرئاسة لمدة أقصاها ستون يوما (60 يوما)... وقد قيل لنا انه ربما سيعود... وإن بن علي متعود على الخروج من البلاد دون إعلام.. أحد.
هكذا تم الاتفاق على أن يتسلّم سي محمد الغنوشي، مقاليد الرئاسة، لأن الذي يقرر الشغور الدائم هو المجلس الدستوري اذ يجب ان يجلس بكل أعضائه ويقرر بالاجماع حالة الشغور الدائم... عندها يتسلّم رئيس مجلس النواب المهمة..
الذي حدث أن أعضاء المجلس الدستوري، لم يكن ممكنا الاتصال بهم... وبالرئيس وقتها.. ولم يكن ممكنا دستوريا ان يتولى يوم 14 جانفي 2011 رئيس مجلس النواب خطة الرئاسة إذن اتجهنا نحو الحل الأول...
موقف بن علي من الطائرة الرئاسية
يوم 14 جانفي مساء، بينما كنا في مقر أمن الرئاسة، هاتف بن علي سي محمد الغنوشي ثم طلب منه ان يخاطبني فنقل إليّ الخط، فقال لي: كلّم التلفزة والإذاعة.. وتراجعوا في كلمة سي محمد الغنوشي... فأنا عائد الى تونس... قلت له: هذا غير ممكن.. كيف تبقى دولة بلا رئيس... وأنت لم تترك وثيقة واحدة... تتماشى مع نص الدستور... وأن قضية رجوعك غير ممكنة... عندها قال لي: أعطيني سي عبد الله القلال.. وقتها بدأنا نسمع التطوّرات التي عمّت البلاد.. من حرق ممتلكات العائلة المالكة.
وبالنسبة لكلمة القلال لبن علي في الهاتف.. لا أستطيع أن أقول ما قاله.. ولكن كلمة (القلاّل) كانت طبيعية.. لقد اتفقنا جميعا أن بن علي لا يمكنه أن يعود.. نظرا الى أن كل التطورات في البلاد.. كانت تؤشر الى ضرورة أن لا يعود.. وبدأت عمليات الحرق تمسّ منازل العائلة «الحاكمة»..